الخدمات

ابواب التحكيم الرئيسية
  • التنفيذ / المحكمة المختصة بنظر الطلب وسلطتها / الكتب / بطلان حكم التحكيم ومدى رقابة محكمة النقض عليه (دراسة مقارنة) / مشروعية رقابة محكمة النقض في القانون المصري والكويتي والفرنسي

  • الاسم

    المحامي الدكتور/ أحمد بشير الشرايري
  • تاريخ النشر

    2011-01-01
  • اسم دار النشر

    دار الثقافة للنشر والتوزيع
  • عدد الصفحات

    400
  • رقم الصفحة

    301

التفاصيل طباعة نسخ

لذلك ذهب البعض إلى القول بأنه ما دام قانون التحكيم المصري لم يتضمن نصوصاً تمنع من الطعن في الحكم الصادر في دعوى بطلان الحكم التحكيم بطريق الطعن بالنقض، فإنه ليس هناك ما يحول دون ذلك، إذا ما توافرت حالة من الحالات التي يجيز الطعن فيه بهذا الطريق. 

وحيث إن هذا الدفع غير سديد ، ذلك أن مفاد نص المادة 248 من قانون المرافعات - وعلـى مـا جـرى بـه في قضاء هذه المحكمة- أن الطعن بطريق النقض في الحالات التي حددتها هذه المادة على سبيل الحصر جائز- كأصل عام - في الأحكام الصادرة من محاكم الاستئناف. وكان الحكم المطعون فيه قـد صـدر مـن محكمة الاستئناف فإن الطعن فيه بطريق النقض في تلك الحالات يكون جائزاً ولا وجه لما تثيره المطعون ضدها من عدم جواز الطعن فيه بهذا الطريق عملاً بنص المادة (52) من قانون التحكيم رقم 27 لسنة 1994 إذ أن تطبيق هذا النص مقصور على أحكام التحكيم ذاتها ولا يمتد إلى الأحكام الصادرة من محاكم الاستئناف في الدعاوي المقامة بشأن بطلانها، إذ لم يرد نص يمنع الطعن عليها بطريق النقض فإنها تظل خاضعة للأصل العام الوارد في المادة (248) من قانون المرافعات سالفة البيان ويكون الطعن فيها بطريق النقض جائزاً.

وعلى ضوء ما تقدم يمكننا القول بأنه إذا كانت المحكمة الابتدائية المنعقدة، بهيئة استئنافية هي المحكمة المختصة بنظر دعوى البطلان، فإن الحكم الصادر منها - في دعوى البطلان - في هذه الحالة، لا تقبل الطعن إلا بالتماس إعادة النظر، إذا تحققت إحدى حالاته، بمعنى أنه لا يقبل الطعن بالاستئناف، إ أن الحكم المحكمة الابتدائية دائرة استئنافية لا تقبل الاستئناف، فالاستئناف إنما يكون مرة واحدة، كما أنه لا يجوز الطعن فيه بالنقض لأي سبب من الأسباب.

وإذا كانت المادة (249) من قانون المرافعات المصري تجيز الطعن بالنقض في أي حكم انتهائي ـ أياً كانت المحكمة التي أصدرته ـ فإنها قيدت هذا الاستثناء، بأن يكون هذا الحكم قد فصل نزاع، خلافاً لحكـم آخـر سـبق أن صـدر بين الخصوم أنفسهم وحـاز قـوة الأمر المقضي، فإعمال هذا الاستثناء مشروط بأن يكون الحكمين المتناقضين قد فصلا في موضوع النـزاع، أي أحكام انتهائيـة صـادرة في الموضوع، وهـذا مـا لا يتوفر في حالة الحكـم بـبطلان حكـم التحكيم، إذ أن هـذا الحكـم لا يمـس مـوضـوع النـزاع، فمحكمة البطلان تقف عند حد تقرير البطلان ولا تتعداه إلى الفصل في الموضوع، وبالتالي لا يوجد حكمين متعارضين فصلاً في موضوع النزاع بين نفس الخصوم ومن ثم لا يسري هذا الاستثناء على الحكم ببطلان حكم التحكيم.

أما في حال أن كانت المحكمة المختصة بنظـر دعـوى الـبطلان هـي محكمة الاستئناف العليا، فإن الحكم الصادر منهـا في دعـوى الـبطلان يمكن الطعن عليه بطريق النقض، وبغض النظر عن سلبيته أو إيجابيته بالنسبة لطرفيه، إذا تحققت فيه الشروط والأوضاع التي تتيح الطعن عليه بهذا الطريق.

ومن هذه الشروط التي يتعين أن تتحقق فيـه هـي ما نصت عليه المادة (1/248) المشار إليها سابقاً، إذ اشترطت: لكي يكون الحكم الصادر من محكمة الاستئناف قابلاً للطعن عليه بالنقض؛ أن تكون قيمة الدعوى ـ التي طعـن بالحكم الصادر فيها أمام محكمة الاستئناف ـ تجاوز مائة ألف جنيه، أو أن تكون غير مقدرة القيمة، بما معنا أنه يتعين لجواز الطعن بالنقض في الحكم الصادر من محكمة الاستئناف العليا في دعوى البطلان، أن تكون قيمة الدعوى، محل التحكيم، تتجاوز مائة ألف جنيه، أو تكون غير مقدرة القيمة.

والجدير بالذكر أن المقصود باصطلاح (الدعاوي غـيـر مقـدرة القيمـة) تلـك الدعاوي غير القابلة للتقدير، وفقاً للقواعد الواردة في المـواد مـن (36) حتى (40) مـن قانون المرافعات المدنية والتجارية ، فإذا كانت الدعوى غير مقدرة القيمة، وكان بالإمكان تقديرها ، وفقاً للقواعد القانونية التي تنظم كيفيـة تقـدير قيمة الدعاوى والمنصوص عليها في المواد(36حتى40) مـن قـانون المرافعات(2) ، فـإن الـدعوى في هـذه
الحالة لا تعد غير مقدرة القيمة.

أمـا الـدعاوي (غير مقـدرة القيمـة) فهـي تلـك الـدعاوي غير القابلة للتقـدير أي الدعاوي التي تتنافى بطبيعتها مع إمكانية تقديرها بالنقود، أو تلك التي ـ وأن قبلت بطبيعتهـا هـذا التقـدير ـ لم يضع المشرع قاعـدة معينة لتقـديرها ، ومـن أمثلـة هـذه الدعاوي: دعوى الإلتزام بعمل، أو دعوى الالتزام بالامتناع عن عمل.

ومن مجمل ما تقدم؛ يتضح الفرق بين مصدر مشروعية رقابة محكمة النقض على الحكم الصادر في دعـوى بطلان حكم التحكيم في القانون المصري.

وعلى ضوء ما تقدم فإنه يمكنا القول، بأن جواز الطعن - في الحكم الصادر في الطعن في حكم التحكيم وفقاً لأحكام القانون الكويتي - يتوقف على درجة المحكمة التي أصدرت الحكم في الطعن في حكم التحكيم، كما يتوقف في نفس الوقت على نوع الطعن في حكم التحكيم الذي صدر فيه الحكم أهو طعناً بالبطلان، أم بالاستئناف.

وتوضيحاً لما أسلفنا في حال أن طعن في حكم المحكمين بدعوى البطلان وكانت المحكمة المختصة بنظرها هي المحكمة الجزئية - باعتبارها المحكمة المختصة بنظر النزاع لو لم يعرض على التحكيم - فإن الحكم الصادر منها يكون قابلاً للطعن عليه أمام المحكمة الكلية بهيئة استئنافية، وحيث إنه لا يجوز الطعن 

في الحكم الصادر من الدوائر الاستئنافية بالمحكمة الكلية بطريق الاستئناف؛ فإن ذلك يعني بأنه لن يصل الحكم في هذه الحالة لقضاء التمييز، إذ لا يجوز الطعن بالتمييز كقاعدة إلا بالنسبة للأحكام الصادرة من محكمة الاستئناف العليا، وهذا يفهـم مـن نـص المادة (1/152) مـن قـانون المرافعات الكويتي، والتي تنص على أنه : "للخصوم أن يطعنـوا بـالتمييز في الأحكام الصادرة من محكمة الاستئناف العليا في الأحوال الآتية.

أما في الحالة التي تكون فيها المحكمة الكليـة هـي المحكمة المختصة بنظر دعوى البطلان - باعتبارها المحكمة المختصة بنظر النزاع لو لم يعرض على التحكيم - فإن الحكم الصادر منها يمكن الطعن عليه أمام محكمة الاستئناف العليا، ومن ثم الطعن بالحكم الصادر من محكمة الاستئناف بالتمييز، إذا تحققت في الحكم الشروط والأوضاع التي تتيح الطعن عليه بهذا الطريق.

وفي حال إن كان حكم التحكيم وفقاً لأحكام القانون الكويتي قابلاً للطعن بالاستئناف، فإن الحكم الصادر في هذا الطعن لا يكون ـ والحالة هذه ـ قابلاً للطعن فيه أمام محكمة التمييز، وذلك لأن المحكمة المختصة ـ بنظر الطعن بالاستئناف في حكم التحكيم ـ هي المحكمة الكلية بهيئة استئنافية، وبديهي أنه لا يجوز الطعن بالاستئناف مرة أخرى في الحكم الصادر من الدوائر الاستئنافية بالمحكمة الكلية كأصل عام، وبالتالي فإنه لن يصل الحكم الصادر في الطعن في حكم التحكيم ـوالحالة هذه ـ إلى قضاء التمييز.

وإذا تأملنا؛ القانون الفرنسي ـ في هذا الصدد ـ نلاحظ أنه لم يرد ضـمـن مـواد قانون المرافعات نصاً صريحاً يبين فيه طبيعة الحكم الصادر في الطعـن في حكم التحكيم، ومدى قابلية هذا الحكم للطعـن فيـه بالنقض، سواء أكان هذا الحكم قد صدر في طعن بالبطلان أم بالاستئناف.

ولكن؛ وبما أن القانون الفرنسي قد جعل الاختصاص بنظر الطعن في حكم التحكيم، سواء أكان طعناً بالبطلان، أم بالاستئناف لمحكمة الاستئناف العليا التي صدر في دائرتها حكم التحكيم ، لذا فإن الحكم الصادر من محكمة الاستئناف العليا بمناسبة الطعن لديها بالبطلان أو الاستئناف في حكم التحكيم يجوز الطعن فيه بالنقض، وفقاً للقواعـد العـامـة المقررة للطعـن بهـذا الطريـق في قـانون المرافعـات الفرنسي، وهذا يعني بأن الحكم الصادر من محكمة الاستئناف؛ ولـو تعلق بحكم تحكيم، يخضع للقواعد العامة للأحكام القضائية الصادرة من محاكم الاستئناف، ويقبـل الطعـن فيـه بـالنقض، دون أي تفرقـة بـيـن كـون الحكم الصادر مـن محكمـة الاستئناف صـادراً في طعـن بحكم تحكيم، أو حكم قضائي، ودون أي تفرقـة ـ أيضاً ـ بين كـون الحكم الصادر من محكمة الاستئناف صادراً في طعـن بحكم تحكيم صادر طبقاً للقانون أو طبقاً لقواعد العدالة والإنصاف، وذلك لأن الأمر يتعلق بحكم قضائي حقيقي صادر من جانب محكمة الاستئناف.