لا يجبر الشخص، كما تقدم، على أن يكون محكماً، وهو قد يرفض ذلك دون بيان الأسباب، وهذا شأنه ولا معقب عليه في ذلك. ولكن بعد قبوله لمهمته كتابة على النحو المذكور سابقاً، أصبح وكأن هناك عقداً ضمنياً بينه من جهة، وبين أطراف النزاع من جهة أخرى، التزم فيه بأن يفصل في النزاع المطروح عليه، بحكم تحكيمي نهائي في حدود ما يقضي به القانون، بما في ذلك إصدار الحكم خلال المدة المحددة لذلك اتفاقاً أو قانوناً. ومع ذلك، فإنه لا يجبر على البقاء في موقعه كمحكم والاستمرار فيه، وإنما بمقدوره الإعلان عن عدم استمراره في التحكيم. ويكون في هذه الحالة قد أخل بالتزامه. ولو طبقنا القواعد العامة في هذا الشأن، لقلنا بإجباره على تنفيذ التزامه تنفيذاً عينياً متى كان ذلك ممكناً، ، مع التعويض إذا كان له مقتضى، وربما أيضاً فرض الغرامة التهديدية عليه، وفقاً للأصول والشروط التي ينص القانون فيها على مثل هذه الغرامة.
ولكن التزام المحكم بتنفيذ مهمته مرتبط كلياً بشخصه بالذات، وعقله وفكره وفته وعلمه وخبرته ودرايته، وما إلى ذلك من ظروف. وبالتالي من غير الممكن إجباره على الاستمرار بعمله، بإصدار أمر قضائي ضده بالتنفيذ العيني. كما لا يعقل، بسبب هذه الظروف، فرض الغرامة التهديدية عليه في محاولة لإجباره على ذلك.